بمناسبة الذّكرى ال ٣٤ لسقوط جدار برلين، عقد المعهد اللبنانيّ للتّحليل السّياسيّ والاقتصاديّ LIPEA ندوة خاصة في ذكرى سقوط "جدار برلين" قدّمها الأستاذ سركيس كيشيشيان
استهلّ العرض بقوله إنّ سقوط الجدار كان في ٩ تشرين الثّاني عام ١٩٨٩، ولكنّ معظم اللبنانيّين لم يتابعوا هذا الحدث وأهمّيّته بسبب الاحتفالات التي كانت تعمّ قصر بعبدا في ذلك الوقت، لذلك سنستعرض تّاريخ تلك الفترة لأخذ العبر والأمثال منها.
وتابع كيشيشيان كلامه عن الاسباب التي أدت الى بناء هذا الجدار. في شباط عام ١٩٤٥، قبل نهاية الحرب العالميّة الثّانية، انعقدت قمّة الحلفاء في يالطا لتقسيم الدّول ما بعد الحرب وقرّر الغرب أن يأخذ المدن الصّناعيّة ويترك الدّول الزّراعيّة للنّفوذ السّوفياتي. أمّا الحل بالنسبة الى برلين رمز النازية كان في تقسيمها الى "برلين الشّرقيّة" و "برلين الغربيّة"، وكان التّنقّل بينهما سهلًا وبشكل طبيعي إلى حين بدء الانهيارات الاقتصاديّة السّوفياتيّة الذي دفع بالكثير الهروب من برلين الشّرقيّة إلى الغربيّة وعدم الرّجوع إليها من اجل حياة أفضل وفرص عمل اكثر، عندها اتُّخذ قرار بناء الجدار، وفي اليوم نفسه من وضع حجر الأساس لبناءه في ١٣ آب ١٩٦١ عَبرَ ما يزيد عن خمسين الف عامل إلى برلين الغربيّة ولم يعودوا اليها، عندها بدأت أعمال البناء التي شارك فيها اربعون الف جنديّ وتمّ عزل البرلينيّتين عن بعضهما بالكامل وأصبح لكلّ منطقة نفوذها.
كان طول الجدار مئة وخمسة وخمسون كيلومترا (١٥٥ كلم) وارتفاعه أربعة أمتار تعلوه الأسلاك الشّائكة، وحراسة مشدّدة على مدار الساعة مما استحال الهروب منه، وبقي قائماً ٢٨ عامًا منذ سنة ١٩٦١ إلى سنة ١٩٨٩.
في عام ١٩٨٧، سعى الرّئيس الأميريكيّ رونالد ريغن إلى هدم الجدار عبر الطّلب من الرّئيس السّوفياتي ميخائيل غورباتشوف محاولة تخفيف القيود بين المنطقتين، ما أدّى إلى هجوم مئات الآلاف وعبور الجدار وهدمه من دون إطلاق أيّ رصاصة من السّلطات من الطّرفين، فتوحّدت المنطقتان إلى يومنا هذا .
في النّهاية، اذا أردنا أخذ العِبر للشّرق الأوسط وخاصة في ظلّ الحرب الإسرائيليّة على غزة، فعندما أعلن هتلر الحرب التّوسّعيّة على أوروبا والاتّحاد السّوفياتي من أجل الاستيلاء على الموارد الأوّليّة من دون حسابات للعواقب الدولية في معاداته للجميع، وعدم توقّعه أنهم سيتقاسمون ألمانيا ويقومون بتجزئتها بعد خسارته، فكانت الخسائر البشرية والمادية فادحة.
لذلك، على دول الشّرق الأوسط ومليشياتها التي تريد تنفيذ هجمات، أن تطيل التفّكير بالعواقب والنّتائج التي ستأتي على البلاد وحجم الكوارث التي سترتدّ عليها وعلى شعوبها.
